عبدالعزيز القناعي
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.
كان سلاح الإعلام ولا يزال من أقوى الأسلحة للمواجهات البشرية، فبه ومن خلاله تسقط دول وحكومات وترتفع أرصدة وجولات، ويمارس الإعلام دورا مهما أيضا في تغيير الرأي العام وتوجيهه بناء وعلى حسب الخطط الموضوعة له إما سلبا أو إيجابا بحسب ما تقتضيه المصلحة للأطراف كلها، ولم يوصم الإعلام بالفاسد أو الردئ إلا في الكويت تقريبا من قبل النائب فيصل المسلم وباقي تكتل التنمية والإصلاح وأيضا من جماعة التكتل الشعبي وذلك نتيجة لتضارب المصالح وأيضا لعدم استيعاب مفهوم وقضية الإعلام الحر والإيمان به على كل المستويات، فبالديمقراطية الموجودة لدينا في الكويت انطلق الإعلام مؤخرا من القمقم الخاص به إلى أجواء رحبة وواسعة منها الفضائيات والإعلام المقروء أو المسموع وهي تنبئ بما هو قادم من مشكلات أو تلقي الضوء على الخفايا وتفتح أبواب الاختلافات والجدال، ووضع مسار الإعلام هنا أمام خيارين لا ثالث لهما فإما أن يكون إعلاما حرا لا ينضوي تحت أي راية وحزب وتيار أي بان يكون قادرا وحرا من أي قيود تعيق حرية التعبير وهي غير موجودة في ساحتنا الإعلامية أو محدودة الأداء بحكم سيطرة التجار والمنتفعين من ناحية ومن ناحية أخرى سيطرة التوجه الإسلامي على آلة الإعلام وتوابعها، والخيار الثاني بأن يكون إعلاما ذا منفعة ومصلحة فيما نراه حول القضايا والمشكلات وهنا نقع أمام جدلية المسميات الجديدة للإعلام كالفاسد وغيره.
إن الإعلام الحر المنشود لا يمر من خلال تجارب بسيطة أو منتقاة ناجحة مرات وفي مرات أخرى تكون موجهه نظرا لتجربتنا الديمقراطية المقتصرة على المصالح والتوازنات الحكومية مع أعضاء مجلس الأمة بحكم إن الإعلام هو المقياس لمعرفة درجة الحرية التي تتمتع بها الديمقراطيات، بل يجب أن يمر الإعلام من خلال عدة مراحل نستطيع أن نسميها بالمراحل الثلاث أو الجداول الزمنية وهي الولادة ثم المراهقة ثم النضج واعتقد بأننا في المرحلة الثانية وهي المراهقة الإعلامية وبانتظار مرحلة النضج الإعلامي والذي سوف يحدد لنا مسار تجربتنا الديمقراطية، وكذلك لن نستطيع أن نطلق على إعلامنا حاليا بأنه إعلام فاسد أو سيئ فكما قلنا سابقا بان حصيلة تجاربنا وديمقراطيتنا هي من أوجدت مثل هذه المسميات والعقليات لا الإعلام كجهاز وتوجه، فكما هو معلوم بان الساحة المحلية تعج بمختلف التيارات السياسية والحزبية ولعل التيار الديني هو المسيطر حاليا وله الصلاحية بإطلاق مثل هذه المسميات لمن يختلف معهم في الرأي والأفكار وقد سيٌس الإعلام من خلالهم ووجه إلى صالح وطالح وقد لاقى رواجا منقطع النظير من الجماهير المتعطشة وحوربت من خلالها بعض الفضائيات والصحف في سابقة تاريخية تنم على قصر النظر وعدم الإيمان بالطرف الآخر وبما يقوله، فكما أنت مؤمن بان لك حرية التعبير والرأي فللطرف الآخر أيضا له هذا الحق بغض النظر عن المشكلة المطروحة، وهنا نقع في مشكلة العمل الإعلامي ومعايير الإعلام المتصلة به من الشفافية والمصداقية والأمانة والاستقلالية وغيرها الكثير من سلالم الإعلام الحر المنشود.
إن المجتمع الكويتي بجميع اطيافه وأفكاره يقبع ضحية تحت سرعة التغير الاجتماعي الحاصل من حولنا إما سياسيا أو اقتصاديا، ولعل الوسائل الإعلامية احد أهم واخطر الأسلحة المستخدمة في تغيير التوجهات والأفـكار واستهداف السواد الأعظم من المواطنين، وقد تكون التجربة الديمقراطية لدينا هي من فتحت هذه الأبواب بدون وعي وإدراك لما سوف يحصل مستقبلا، ولكنها حالة تستحق الاحترام والدراسة ومن بعدها التقييم، وبنفس الوقت فان هذه المراهقة الإعلامية التي نتعايش معها وعلى سوء وجميل مخرجاتها جعلتنا نثق بان ما نمر به لم يعد خافيا على أي مواطن، بــل زاد إيماننا بالحرية وما وراءها مـن مستـقبل مجهول ينتظرنا.