مزيد اليوسف
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.
في الفصل الثاني من المسرحية المرعبة والتي لم يُسدل ستارها بعد، نعرض المشهد الحكومي، وفيه يبرز الشيخ أحمد العبدالله وزير الإعلام وزير النفط كأهم شخصية في هذا المشهد تتسلط عليها أضواء اللوم على العبث والشطط الذي قادته قناة »السور« وازدرائها المنبوذ لبعض النواب ولمن هم خلفهم.
فالخطاب الإعلامي الذي تميزت به قناة »السور« المدارة على يد فارسها محمد الجويهل، وكذلك المجون الإعلامي المتغلغل في بعض قنواتنا الوطنية الأخرى، ما كان له أن يحيا وينتشر لو أن وزارة الإعلام كانت تنهض بحزم وجد بأداء مسؤولياتها وأمانتها التي حُملت بها من صاحب الأمر في هذه البلاد، لكنها وزارة كانت ولا تزال تمارس دور الأعمى الغافل عن شطط قنوات فضائية، لأسباب سياسية، وفي كثير من الأحيان شخصية، إذ يبدو أن وزارة الإعلام تجد في دور الأعمى المتغافل متعة التشفي ووسيلة الانتقام من نواب جرحوا وزراء بألسنتهم السليطة ومسوا رئيس الحكومة بالقذف والسب.
ولهذا تجد وزارة الإعلام تكيل بمكيالين في تعاملها مع القنوات الفضائية والأعمال الفنية الوطنية، كون المعيار عندها لا يكمن في تطبيق القانون على الجميع، وإنما هي تستخدمه بحق لنيل مآرب باطلة، وما إن توجه إليها سهام النقد والاتهام عن انفلات زمام الأمور في الآلة الإعلامية، حتى تجد وزيرها يتذرع بالفوضى التي خلقها قانون المرئي والمسموع، ثم تراه يصفه بالركاكة، والابتسار، للتملص من مسؤوليته.
إن جهالة أقوال وأفعال الجويهل لم تُخلق في الظلام بل تفطرت على عين وزارة الإعلام، وغرس بذرتها تراخي تلك الوزارة وإهمالها في الأخذ على يده منذ نعومة تصرفاته الإعلامية مع بدايات عام 2007، المثارة على الملأ عبر برامج حوارية استضافته في لقاءات صبيانية هيأتها له قنوات فضائية وطنية باحثة عن الإثارة، وجدت في »الجويهل« مادة مسلية للجمهور، لما اتصف به من جرأه وتطاول غير مكبوح الجماح على بيت الشعب، وعلى قضايا حساسة تمس المجتمع الكويتي، فكان في غض طرف الرقابة الإعلامية عنه وعن القنوات المستضيفة له، تشجيع له ورعاية لبذرته الهدامة والمغروسة في جدار الوحدة الوطنية، حتى كبرت ونمت واشتد عودها، فراح صاحبنا يخوض في كل ما من شأنه إثارة اللغط والجدل في المجتمع الآمن والمستقر، كموضوع مزدوجي الجنسية ومن هم داخل السور وخارجه، واتخذ من تلك الأحاديث عنواناً لحملته الانتخابية الباطلة قانونياً عن الدائرة الثالثة في انتخابات مجلس الأمة عام 2009، والتي خاضها في ظروف قانونية مجهولة على الرغم من عدم زوال سبب شطبه الأول، إلا أنه تمكن مع هذا من قيد اسمه باستعمال كشوف ذات الوزارة ذ أي الداخلية - التي قررت شطبه عام2003.
إن حال وزارة الاعلام في تعاملها مع قضية الجويهل كحال رجل من الناس له صبي مشاكس، اعتاد رشق بيت الجار بالحصى، على عين ومسمع من والده الذي يمثل دور الغافل عن تصرفات ابنه الشقي، كي يشفي غليله من جاره المؤذي سليط اللسان، حتى إذا اشتكى جاره من تصرفات الإبن الأرعن، ضربه الوالد على يده ضربة خفيفة غير زاجرة، تشجع الولد الأهوج أكثر من أن تردعه عن سفهه، كي لا يقال أن الوالد لم يحرك ساكناً تجاه تعدي ابنه على جاره الممقوت، إلى أن جاء اليوم الذي أصاب فيه حجر الإبن الأرعن عين الوالد في ذات الوقت الذي أصاب فيه أيضاً رأس الجار البغيض.
اليوم تتوجه أصابع الاتهام جميعها قبل وزارة الإعلام، وتتفق كلها على مسؤولية وزيرها عن شطط وغلو قنوات صبيانية، تنخر في جدار الوحدة الوطنية، ذلك أن الحلال بين والحرام بين، ولا يختلف اثنان في حاضرنا على تواني وزير الإعلام تجاه شطط وغلو تلك القنوات الخاضعة لرقابته.
لقد انتقدت كلمة صاحب السمو أمير البلاد الى اخوانه وأبنائه المواطنين في 2009/12/29 بشدة الإعلام الصبياني، المتجرد من المسؤولية المهنية، والساعي للإثارة على حساب الوطن، وأكدت كلمة سموه على عدم جواز التهاون مع الممارسات الإعلامية المنحرفة أو غض الطرف عنها، في إشارة من سموه لواجب وزير الإعلام في هذا المقام بالنهوض بعبء محاربة الإعلام الطائش والنافخ في الفرقة بين صفوف المجتمع الواحد.
ولا ريب أن توجيهات وأوامر سمو الأمير الوالد راعي الجميع، وعماد هذا الوطن رعاه الله كان لها الأثر في تصحيح دفة السفينة، وحملها بثبات وقوة فوق أمواج الفتنة إلى شواطئ الأمان، ولم يبق سوى التزامنا نحن مسؤولين ومواطنين بما ورد فيها من نصح وأوامر كفيلة صون استقرار الكويت الحبيبة، صاحبة الفضل والتقديم على كل مصلحة سياسية أو شخصية.
فكفانا عبثاً بهذا الوطن، وكفانا طيشاً وأنانية، ولنلتف جميعاً يداً واحدة صادقة خلف ربان سفينتنا، نعينه على قيادتها بسلام إلى مستقبل زاهر نخلفه من ورائنا لأجيال تتفاخر بنا وتشكرنا على إخلاصنا، بدلاً من أن نكون صفحة سوداء في تاريخ الكويت العظيم، يقلبها أبناؤنا بالحسرة والألم، وعبارات الذم والتأنيب.